إشراقة أبدية لعقل لا محدود
مقدمة سريعة
أصبح الإنسان متأكداً اليوم إن قدراته العقلية والعاطفية محددة وغير قابلة للكسر ولا يعرف حتى الآن كيف يتحكم بمشاعره وأفكاره بل هي تتحكم فيه وبتوجهاته في الحياة ولا يعرف كيف يغيرها ليوجه نفسه نحو واقعاً أفضل.
يعد الخوف من أخطر المشاعر التي تواجه الإنسان لأنه يمنعه من تجربة وإختبار الحياة بصورة كاملة ويوهمه بأن هنالك حدود, على الرغم من إن الإنسان يدرك في أعماقه إن ليس هنالك حدود, إنما كل مخاوف الإنسان تأتي من الداخل فتتجسد في الواقع الخارجي وتخلق له حدوداً الوهمية.
ما نسميه الخوف هو في الحقيقة حيلة وخدعة عقلية للتهرب من الإنهيار, لأن العقل المادي يعتقد إنه مبني أساساً على برمجة محددة أو إن إلغاء هذه البرمجة سيؤدي إلى إنهيار كامل للعقل, ولكن الحقيقة هي إن العقل لا ينهار بإنهيار البرمجة إنما فقط يتحول إلى ساحة بيضاء نقية ولا محدودة.
العقل - محتال كبير أم أداة شخصية؟
في البداية أريدك أن تفهم ذلك;
- إن العقل هو أداة ثابتة في كيانك ومتحكمة في جسمك المادي بأكمله شئت أم أبيت فإنه يعمل على الدوام, وهو من يجعلك تتنفس وتشعر وتتعاطف وتحب, بينما أنت تنشغل بأمور أخرى.
- العقل هو ذكاء منفرد وشبه مستقل, لا يعرف من تكون أنت ولا يعرف ما هي قدراتك وليس لديه أدنى فكرة عن الذات الحقيقية, قد يتعامل معك كـ عدو أو كـ صديق, هذا يعتمد على كيف ترى نفسك.
مثلاً الشعور بالذنب, يجعلك تأخذ فكرة عن نفسك إنك مخطئ ويجب أن تتعاقب, بالتالي يستخدم العقل ذكاءه وقدراته ليحقق العقاب في حياتك.
- ليس هنالك أي حدود لذكاء وقدرات العقل سواء في التأثير فينا أو حتى في الواقع الخارجي.
إذن هل يمكنك أن تتخيل ماذا يحصل حين يستخدم العقل
قدراته الخارقة واللا محدودة ضدك؟ او لصالحك؟
سوف أخبرك ماذا يحصل بالتفصيل
(وهو ما يحصل كل يوم تقريباً دون أن تدرك)
وبعد فترة قصيرة أصبحت تتحدث إلى نفسك وتقول
"ليس هنالك ضرراً كبيراً فيما أفعله"
"سوف أبدأ بتغيير نظامي قريباً, ربما بعد العيد!"
"السمنة أمر طبيعي, سوف استمر بتناول الأكل غير الصحي"
"أنا رشيق لا أحتاج إلى ممارسة الرياضة"
"التدخين لا يقتل, ربما أتخلى عنه لاحقاً"
"أنا لست مدمن يمكنني التخلي عن هذا في أي وقت أريد"
ثم تجد نفسك قد رجعت لممارسة نفس العادة أو تأكل نفس الطعام
في الحقيقة أنت لم تكن مدمناً على ممارسة تلك العادة أو تناول ذلك النوع من الطعام
من كان مدمناً هو العقل وذلك النقاش اللذي أقنعت به نفسك
هو تحايل العقل على الذات وهو جزء من الإدمان
العقل يحاول قدر الإمكان أن يحافظ على "مكانته" وبرامجه وسيطرته عليك, أياً كان الثمن فهو سوف يحاول إبقائك على برنامج ثابت او يسكنك في حالة حياتية أو نظام واحد ولا يريدك أن تجرب شيئاً مختلفاً لأنه كما قلنا يخاف من الإنهيار والتغيير.
حين تقول أريد أن أتأمل, أو أريد أن أقرأ كذا كتاب
أو أريد أن أفعل كذا شيء
وكان ما تريده لا يتوافق مع برمجة العقل ورغباته
سوف يحاول العقل قدر الإمكان أن يشغلك بأمراً آخر
قد لا تصدق ذلك, لكنه في بعض الأحيان يتواصل تخاطرياً
مع أشخاص آخرين دون أن تدرك ليفعل أحداث خارجية يمكن أن تشغلك أو تغريك.
في حال لم تتفاوض أو تتعاقد مع العقل
فقد يعمل ضدك ولن تستطيع التحكم في ذلك
ببساطة لأن العقل هو ذكاء مادي منفرد وشبه مستقل
ودائماً يسعى للسكون.
"المقصود بالسكون هنا هو بناء سكن فكري أو مصفوفة دينية وعقائدية وإنتمائية يرقد فيها العقل, هذه الأشياء بالنسبة للعقل هي مثل البيت والمأوى وإعتناقها يجعله يشعر بالأمان"
في حالتين فقط يمكن أن يعمل العقل لصالحك
التعاقد او التفاوض مع العقل يشبه إلى حد كبير بما يسمى العقد الإجتماعي أو بمسمى آخر الديمقراطية
أي إنك سوف تدفع الضرائب للعقل وهو سوف يعمل على توفير الرفاهية والأمان (المؤقت), وهذه الضرائب ببساطة هي الأفيونات وهي المادة الرئيسية اللتي تحفز الشعور بالأمان والنعيم الطفولي.
محفزات الأفيون الغذائية:
حليب الأم ومشتقات اللبن بشكل عام (في الدرجة الأولى بعد المخدرات), السكر, الكربوهيدرات والحلويات, القهوة والشاي.
محفزات الأفيون المعنوية:
رؤية الأم, ممارسة الجنس, التقرب من الحبيب الجنسي, الحب الرومانسي, إمتلاك منزل, إيجاد وظيفة, إستلام الراتب أو ربح المال, الأيمان, الصلاة, الذهاب الى المسجد أو الكنيسة, تلقي مكافأة, حب الأقرباء والشعور بالإنتماء الوطني أو القبلي أو الفكري او الحزبي, والنوم وألعاب الفيديو.
كل هذه الأشياء تعمل كمحفز لتأثير الأفيونات وتجعل الإنسان يشعر بالأمان والرفاهية والأمل (المؤقت) وسبب كونه مؤقت ببساطة لأن تلك الأشياء نفسها وقتية ولن تدوم للإنسان سواء كانت فكرية أو مادية.
ولكن هذا أمر غريزي وجزء من طبيعة وجودنا في العالم المادي حيث يجب أن نتقبله تماماً.
خلق الله طبيعة الكون متناسبة ومتناغمة تماماً مع طبيعتنا الخاصة, جمال الكون والطبيعة وألوانها وغريزة الأمومة والتكاثر والحب والرغبة الجنسية والكارما والنظام الكوني والنظام العقلي
كل هذا يؤكد إن الخطأ ليس في غرائزنا او في طبيعة الكون, ولكن الخطأ هو في طريقة تعاملنا مع غرائزنا الطبيعية.
كما يجب أن نتقبل كون إن هذه الغرائز وقتية علينا أن نتقبل ايضاً نتائج تعلقنا الطبيعي فيها على الأقل في البداية, الموت والفراق والوحدة والرغبة اللا منطقية هي جزء من النظام في حياتنا لأنها تعلمنا كيف نتغير ونتطور ونبتكر طرق جديدة للنجاة ويجب أن نتعامل معها بحكمة حتى نستطيع أيضاً أن نتعامل مع نتائجها الصادمة.
على سبيل المثال, الطفل في سن ال13 يبدأ عقله في إبتكار ستراتيجيات جديدة تحسباً لفقدان مصدر الأمان الرئيسي (وهو الأم أو المربية) وحينها يبدأ باللجوء إلى بديل, مثل إيجاد شريك رومنسي أو البحث عن عمل ووظيفة وفي حال لم يجد أي بديل سوف يبقى في حالة خوف وموت داخلي وجمود, سوف تنعدم لديه طاقة الحياة في حال لم يجرب أشياء جديدة في حياته ولم يكسر عاداته القديمة, لا يجب إطلاقاً ان يكون الإنسان بعد سن ال17 متعلقاً بوالديه أو بمنزله أو اي مصدر وقتي للشعور بالأمان.
خطأ كبير أخطر من التعلق يرتكبه جميع الناس تقريباً, وهو الخوف من الفشل في الإعتماد على الذات;
الحرية الفكرية والجسدية الكاملة من المستحيل أن تجتمع مع الفشل في الإعتماد على الذات, لأن الكون نفسه إذا حررنا أنفسنا داخلياً سوف يتعاون معنا لتحقيق الإكتفاء الذاتي وعدم الحاجة إلى الآخرين.
التحايل على العقل..
كما قلنا في بداية المقال إن هنالك حالتين لتشغيل العقل لصالحنا, الأولى هي التفاوض والتعاقد مع العقل وهي الحالة الطبيعية والغريزية أو الحيوانية ببساطة.
الحالة الثانية ليست نظامية على الإطلاق, وهي تعتبر خارقة للنظام المادي والكوني أحياناً وهي أشبه بالسحر, حيث من خلالها يمكن التحايل على العقل وخداعه بحيث سوف يتعامل العقل مع الذات على إنها إله وسوف يخدمها بأعلى الإمكانيات ويوفر له كل شيء ويحقق له ما يُريد, والسيطرة على العقل الكوني عن طريق تغيير العلاقة بين العقل الفردي والكون.
وهذا ما سوف نطرحه خلال الأيام المقبلة في الجزء الأول من هذه السلسلة..
إشراقة أبدية لعقل لا محدود هي أطول سلسلة سوف تُكتب في هذا الموقع, سوف نتناول فيها جميع الأسرار على مر العصور عن برمجة العقل وكيف يؤثر في الواقع الفردي وما علاقة السحر بالخيال والأفكار وسوف تقدم بشكل مجاني جزئي كالعادة.
دعمكم للموقع يساهم في تحسين وتطوير المحتوى
ويشجعنا على تقديم الكورسات والمقالات بشكل كامل ومجاني للجميع..
إضغط هنا لمعرفة كيفية الدعم
إرسال تعليق