الإنسان اللذي لهُ بصيرة يشاهد العالم بتعجب دائماً وهو مذهول في كل لحظة من جمال وعظمة هذا العالم, على الرغم من إن العالم عشوائي وعفوي بشكل رهيب إلا إن كل ما هو عفوي وطبيعي يظهر إلينا كمعجزة مبهرة وغير خاضعة للنظام المصطنع حيث تُفاجئنا في كل مرة بقدرتها الدائمة على كسر الإحتمالات والتوقعات والمخاوف, وتثبت لنا إن العشوائية نفسها هي نظام إلهي معقد يفوق إدراكنا وتصوراتنا, والكون أشبه بمولد مستمر لأرقام عشوائية لا نهائية وغير متكررة, حيث في كل لحظة هنالك تغيرات عظيمة جديدة وأفكار متجددة ومبهرة تحدث على مستويات كونية وفردية وفيزيائية وبيولوجية. - سام إيليا
في اللغة الأرامية (أو العبرية) تعني كلمة "زوهار" العمل الإلهي وقد جائت كلمة "زهرة" من الزوهار, لأن الزهرة هي صورة مصغرة ومثال للعمل الإلهي حيث تزدهر وتتوسع بإستمرار حتى تُشكل لنا صورة مثالية ومتكاملة وبديعة تتباهى بتمثيلها لنظام إلهي خارق الكمال ولا نهائي, إما زهرة الحياة فكما تعرفون هي سمة معروفة منذ العصور القديمة وهي تُمثل تكامل النظام داخل الحياة وقد تجسدت هذه الصورة في كل أشكال الحياة بدايةً من تركيب ذرة العناصر الكيميائية وخلايا النحل والحمض النووي والأشكال الهندسية وكل أشكال الحياة المرئية حرفياً, حتى الفروع الستة لزهرة الحياة قد ظهرت في ستة إتجاهات للحياة الظاهرة وهي شمال وجنوب وغرب وشرق وأعلى وأسفل, قد لا تعرفون ذلك إن كلمة زوهار لها أصول يونانية أيضاً وتعني حرفياً "المكعب" وهذا يشير إلى العلاقة القديمة والإرتباط بين المكعب والشكل السداسي أو زهرة الحياة, كما إن المكعب هو أبسط شكل لتصوير العالم المادي ذو الوجهات الستة, حيث إن كل شيء مادي ملموس له ستة أوجه كالمكعب.
على مر العصور أعلنوا علماء الرياضيات إستحالة وجود "عشوائية حقيقية" وهذا ما أدى لاحقاً إلى ظهور نظرية "تأثير الفراشة" والتي تعني إن كل ما نسميه صدفة هو في الحقيقة له أسباب صغيرة جداً وغير مرئية وتلك الأسباب الصغيرة جداً تطورت حتى أدت إلى نتائج كبيرة وأصبحت ظواهر حتمية, أي إن جميع الأحداث (بما في ذلك الإنفجار العظيم) كانت له أسباب معقدة غير ظاهرة, يعتبرها العلماء الملحدون صدفة عبثية ولكنها إنبثاق لأبعاد وجودية عليا غامضة لأبعد الحدود وتتفوق على وعينا وإدراكنا.
إكتشف علماء الآثار مكعب الزار (النرد) في عدة مناطق متفرقة وحضارات قديمة جدا ومنها الحضارة السومرية حيث كان يعتبر النرد من الأدوات المقدسة ويستخدم للإستخارة والكشف والألعاب ذات الطابع الميتافيزيقي وفي حضارة الصين القديمة كان يستخدم النرد في الصلاة والإتصال في عالم الغيب دلالة على إن الأشياء "غير المنظمة" هي في الحقيقة منظمة من قبل كائنات غيبية وكان يستخدم النرد للكشف عن أمور باطنية, كما قد إستخدم الإمام جعفر الصادق "عليه السلام" تقنية مشابهة تماماً لتقنية توليد الأرقام العشوائية في علم الجفر والإستخارة.
يقول عالم النفس تيموثي ليري إن التاروت والنرد هي أدوات كونية عظيمة وليس من المفترض إستخدامها في الكشف عن أمور حياتية "تافهة" بل يجب إستخدامها في الكشف عن أمور علمية وغيبية, وقد خصص كتاباً كاملاً للتحدث عن علاقة بطاقات التاروت بالجدول الدوري والعناصر الكيميائية ومراحل تطور الكون وما إلى ذلك, وليري ليس إلا واحداً من مئات العلماء في العصر الحديث اللذين إعترفوا بأهمية الممارسات الروحية وعلاقتها بالنظريات العلمية الحديثة.
عرفنا الآن إن ليس هنالك عشوائية في الكون, بل إن كل شيء خاضع لنظام إلهي عظيم وحكيم ومتكامل, وإن كل المخلوقات والظروف الحياتية لها أسس ونظم أولية يمكننا أن نسميها الهندسة الإلهية أو الهندسة المقدسة ويمكننا التنبؤ بالأحداث العالمية والتنبؤ بأي شيء بناءاً على دراستنا لطبيعة النظام الإلهي وكيفية عمله, وهذا هو موضوعنا في سلسلة الهندسة المقدسة.
نتحدث في هذه السلسلة عن أسرار الأشكال الهندسية وعلاقتها بالخيمياء وكذلك المبادئ الأساسية للعقل والطبيعة والكائنات الحية والنسب المقدسة, وكالعادة ستكون السلسلة مشبعة بالأدلة والبراهين ومُرضية نفسياً وعقلياً وروحياً.
للتواصل والدعم (عبر التليجرام): https://t.me/WVS_WVS
إرسال تعليق