المقدمة
حين يتوقف العقل عن التفكير والتفاعل مع الواقع فإنه يدخل في حالة موت جزئي بحيث إنه سيصبح غير مُنتج حرفياً ولا مبالٍ على الإطلاق ويمكن في مرحلة متقدمة أن يتحول الإنسان إلى وحشاً لا يعترف بالقيم الإنسانية وغير مؤمن بالأخلاق ولا يهتم لمشاعر الآخرين, وهذا ما يحصل تماماً لمتعاطيّ ومدمنيّ المخد.رات.
قد لا يعرف بعضكم إن مصطلح "النيرفانا" قد إرتبط بالمخد.رات وقد أسيء فهمه بالكامل, فمثلاً قبيلة "الأغوري" في الهند وبعض قبائل أمريكا اللاتينية يدعون الروحانية والفهم وفي نفس الوقت تجدهم يمارسون أبشع الطقوس كـ تقديم القرابين وحتى تناول لحوم البشر وتعاطي المواد الكيمياوية المخدرة وهذا ما يحصل أيضاً في بعض الجمعيات السرية, وحتى بعض الراهبون المنعزلون تماماً عن الواقع والحقيقة المادية قد إنطفئت عقولهم وأصبحوا غير قادرون على التفكير المنطقي والتحليلي وهو ما نراه أيضاً عند بعض دعاة الإستنارة الجدد اللذي تجدهم في كل مكان على الإنترنت وهم يتحدثون عن أشياء غير منطقية أبداً وبعيدة عن الحقيقة.
يسعى جميع الناس لبلوغ غاية معينة يعتقدون إنها ستجعلهم في حالة من الإستقلال والهدوء والسلام الداخلي, وغالباً ما يعتقد الناس إن الوصول إلى هذه الغاية يتطلب المال, او المال نفسه هو الغاية السامية, وفي بعض الأحيان تكون الغاية هي الزواج أو شراء بيت أو السفر والعيش في كوخ منعزل فوق الجبل, وما إلى ذلك..
وعملية السعي هذه أشبه تماماً بالممارسة الجنسية, حيث يسعى الإنسان الى بلوغ النشوة ثم يتفاجئ إنها كانت نشوة مزيفة ومؤقتة لا تتعدى سوى بضع لحظات, لأن النشوة الأبدية لا يمكن تحقيقها من خلال الأشياء الوقتية كـ الجسد والمال.
النيرفانا هي الغاية السامية لكل إنسان فوق الأرض سواء كان واعياً بذلك أم لا, الجميع يسعى لبلوغ مرحلة الإنطفاء والسكون, بحيث إنه يصبح حينها بلا رغبات ولا أهداف ولا أفكار, ولكن الحقيقة هي إنه لا يمكنه أن يصبح كذلك طالما هو على قيد الحياة, صدقوا أو لا تصدقوا, حتى رجال الدين والراهبون والقديسون يمارسون الرذائل وخاضعين لرغباتهم بشكل من الأشكال ولكن ذلك بالتأكيد لن يحصل أمامكم!
لا يدرك الإنسان إن الغاية من حياته هي الموت, والموت هنا هو مصطلح نستخدمه للإشارة إلى حياة أخرى, أي إن الموت نفسه ليس إنطفاء للشعلة, إنما ستبقى رغبة الإنسان في التقدم والتطور متجذرة في روحه وجسمه الأثيري أو النجمي, وكما تحدثنا من قبل إن الحياة المادية ليست إلا مرحلة من مراحل التقدم في الهرم الروحي, وحين يتجاوزها الإنسان بنجاح سينتقل إلى حياة أخرى أكثر تقدماً.
أي ببساطة إن النيرفانا قد تكون مصطلحاً مزيفاً, وإن النيرفانا الحقيقية هي أن تكون حاضراً وتمارس حقك في الوجود كما هو دون تزييف أو تلاعب, وكما قلنا إن الأمر شبيهاً بالممارسة الجنسية, ولكن عليك أن تتحرك كما أنت بناءاً على اللحظة الحالية ودون إيهام نفسك بوجود غاية, وهذا سيُجسد كونك إنساناً إلهياً لا محدوداً ولا نهائي ولا يتقيد بغاية, وهو حيٌ لا يموت, لذلك يقول علي بن أبي طالب عش لآخرتك كأنك تموت غداً وعش لدنياك كأنك تعيش أبداً.
حقيقة الله تتجسد في اللحظة الحالية لأنها الحقيقة الوحيدة التي لدينا الآن!
دعوني أحدثكم بصراحة, ولست أول شخصاً سيعلن لكم هذه الحقيقة, أغلب اللذين تحدثوا عن الإستنارة قاموا بتزييف الحقائق وأحاطوا أنفسهم بهالة من الغموض والتعقيد من أجل أن يغذوا غرورهم ويوهموا الناس بإنهم أنبياء او آلهة.
ليس هنالك طريقة واحدة للنيرفانا أو الإستنارة, يمكننا أن نقول إن كل لحظة نمر بها يمكننا أن نختبر فيها النيرفانا حين نعيشها بحضور كامل ومطلق, لأننا بالفعل نور وتحقيق ما نحن عليه لا يتطلب محاولة أو عملية معقدة, إنما يتطلب أن نسترخِ ونختبر الحياة على حقيقتها دون تزييف ونختبرها من خلال حقيقتنا الحالية أياً كانت, فهي قابلة للتطور والتغيير مع الوقت وإن الشعلة الداخلية للروح تنمو وتكبر مع التجارب والإختلاط بالأشياء, وحين يدرك الإنسان إنه مشتعلاً بالحب في كل لحظة فإن كل شيء يقترب منه سيحترق فيه ويُكبّر شعلته.
السلام الداخلي لا يتحقق بالإبتعاد عن الحقيقة, إنما يتحقق بإدراكنا إننا قادرون على مواجهة أي حقيقة وتحويلها لصالحنا!
المتنورون الحقيقيون لا يحدثونكم إلا عن الحقيقة الحالية, يحدثونكم عن طريقة تناول الطعام بشكل صحيح, أو التنفس بشكل صحيح, او شرب الماء بشكل صحيح, او التعامل مع الحياة بشكل صحيح, لأن هذه الأشياء إذا قمنا بها بشكل صحيح فإننا نجذب الصحة العقلية والنفسية والبدنية, وهذا كل ما نحتاجه لممارسة حقنا في التواجد داخل العالم المادي بشكل صحيح, لذلك فإن الإنسان حين يُصاب بالمرض فإن كل نظرياته اللا عقلانية تسقط, ويدرك الأهمية الحقيقية للتجربة المادية.
وهذا ما سنتحدث عنه بالتفصيل في سلسلة طرق الإستنارة.
قد لا يعرف بعضكم إننا نقضي ساعات طويلة وجهد في كتابة المواضيع, ومع ذلك فإنه من الممكن أن يأتي أحدهم ببساطة وينسخ المواضيع ويكتب عليها إسمه أو يروّج لنفسه أو يستخدم مقالاتنا في الإحتيال على الآخرين, وهذا إنتهاك كبير وغير مقبول لحقوق الكاتب وموقع المدرسة العربية, لذلك سنقوم بإعداد كورسات مدفوعة نتحدث فيها بشكل أكثر عمقاً وسيتم الإعلان عنها في قناة التلجرام.
*سلسلة طرق الإستنارة والهندسة المقدسة والخيمياء الروحية مستمرة, ولكنها ستكون مختصرة ومحدودة لتفادي سرقتها وإستخدامها في أذى الناس.
إرسال تعليق