لا يجتمع نقيضان إلا وثالثهما واحد, الروح القدس أو الشيطان!. - إيدا كرادوك
المقدمة
جميع التحركات الطبيعية لمكونات الكون والجسم تعتمد على مبدأ التوازن بين اليين واليانغ, أو القوة الأنثوية والقوة الذكورية, او الطاقة السالبة والموجبة, وهاتان القوتان متحدتان داخل الوجود في وضعية أبدية وكلٌ منهما في حالة من التوافق ولا يمكن أن تخرج هذه الوضعية من حالة التناغم هذه كما لا يمكن أن يختل نظام الكارما أو يخطأ في عمله لأن ببساطة لكل سبب نتيجة ولا تتوقع الشر في حياتك طالما إنك لم تضع سبباً لعاقبة, فمثلاً لو وضعت سبباً لكراهية الآخرين لك فإن إلقائهم لطاقة الكراهية هو أمر حتمي وإصابتك بها مسألة وقت, كذلك الأمراض والأوبئة التي تحصل للعالم ما هي إلا وسيلة للتطهير والتوازن ولكن بعض الناس يعتبرونها شاذة او خارجة عن القانون الإلهي, وسبب ذلك هو رفض الإنسان على مر العصور وعدم تقبله لحقيقة الموت والألم بينما الحقيقة هي إن الموت والألم هما من أهم حالات الحياة, وإن الحياة في الحقيقة لا تنعدم بحضور الموت بل العكس تماماً, إن الحياة تتحسن وتتعدل ويعاد ترتيبها بعد الموت والألم.
قلنا في الجزء الثاني من سلسلة السحر الجنسي إن الرجل يسعى للحركة والانضمام بينما تسعى الأنثى للجذب والإحتواء, وسنتحدث في هذا الجزء بشكل مفصل عن الطاقتين الموجبة والسالبة وكيف إن السحر الجنسي ليس متعلق فقط بالذكر والأنثى إنما في كل الأشياء حولنا, كونها تملك قوة مغناطيسية للجذب وقوة كهربائية للعطاء والحركة.
يقول نيكولا تسلا "إن عقولنا ليست سوى مستقبلات, والوجود هو عبارة عن طاقة وكهرباء, نحن كهرباء, افكارنا كهرباء, ما نراه كهرباء, ما نسمعه كهرباء, القوة الإلهية العليا هي ايضاً عبارة عن طاقة هائلة ولا نهائية وهي مصدر القوة والإلهام في كل شيء ." , أي إن الوجود المرئي والمسموع والمُدرك والمحسوس هو طاقة وكهرباء, لكن أين المغناطيسية إذا كان كل شيء حولنا تقريباً هو كهرباء وطاقة؟.
يمكننا أن نقول إن الكهربائية في الكون هي كل ما هو ظاهر أو متحرك بينما المغناطيسية هي كل ما هو باطن وخفي وساكن, لنأخذ مثال الأماكن المهجورة التي تخلو تماماً من الحياة لو عدنا اليها بعد فترة من الزمن سنجد إنها ممتلئة بالحياة, قد نجد فيها نباتات وفطريات وعناكب أو حشرات وما يشابه ذلك, وتولد الحياة في هذه الأماكن ناتج عن التأثير المغناطيسي اللذي يجعل الكائنات الحية تسعى للتكاثر ونشر الحياة في مكان تنعدم فيه الحياة وبالتالي حققت القوة المغناطيسية (الأم الإلهية) رغبتها في وضع الحياة في المكان اللذي يحتاجها, وإن أكثر الكائنات تأثراً بالقوة المغناطيسية هي الأفاعي والأوزاغ لذلك يقول الخيميائي ميخائيل مايير إن الأفاعي والأوزاغ والسمندر هي كائنات ذات طبيعة نارية (أو كهربائية) تماماً وهي تخضع بشكل مباشر للقوة الباطنية (المغناطيسية), ومثالاً آخر حين تتعفن تفاحة أو أي ثمرة فإن الخلايا النباتية الميته فيها تتحول بعد فترة الى كائنات دقيقة مثل الفطريات والبكتيريا, وهذا يشير إلى إن القوة المغناطيسية ترغب دائما في وضع الحياة وترتيبها وتنظيمها (مثل دور الكارما) بينما القوة الكهربائية (الذكورية) ترغب بالتكاثر والحركة والانتشار وتتمثل القوة الذكورية بالأجساد الظاهرة أو ببساطة القوة المتحركة والفاعلة في الطبيعة, كما نرى إن العضو الذكري هو كهربائي لأنه ينتج بينما العضو الانثوي مغناطيسي لأنه يستقبل ويُنظم السائل الكهربائي ويخلق منه إنسان حي متكامل, إما الصدر فهو العكس فمكان الصدر الذكوري هو محطة إستلام واحتواء والصدر الانثوي هو محطة عطاء وإنتاج.
يقول الاستاذ فرانز باردون إن اليد اليمنى للانسان كهربائية وهي ترغب في العطاء ويمكن أن تمنح الطاقة الخفية للشفاء والعمل الإلهي اما اليسرى فهي مغناطيسية وهي ترغب في الأخذ ويمكن استخدامها لطلب وتسخير الطاقة من الكون, وشبك اليدين يغلق مجال الطاقة في الجسم, من له فهم فلينظر إلى أعضاء الجسم على أساس ذلك ويتلقى الحكمة.
يجب علينا أن نفرق بين أعضاء التناسل وأعضاء الحب, لأن اعضاء التناسل الذكورية هما الخصيتين والبروستات وهما المسؤولان عن التناسل فقط ولا يجب هدر طاقتهما في حالة عدم الرغبة في الإنجاب, أما (عضو الحب) لدى الذكور فهو القضيب, وأعضاء التناسل الأنثوية هي المبيضان بينما اعضاء الحب لديها هما البظر وبداية المنفذ, ولكل من الجنسين توجد مناطق مغناطيسية سرية في أجسادهم وفي حال شحنها باللمس يدخل الوعي في حالة من الهدوء والسلام العاطفي, وإن التانترا وممارسة الحب الباطنية كما ذكرنا سابقاً هي ممارسة مغناطيسية الغاية منها ليس التناسل اطلاقاً ولا يتم فيها بلوغ النشوة او هدر السائل المنوي, بل تعتمد على التعاطف والإحتكاك والإثارة المغناطيسية والعاطفية وبقاء الرجل والانثى في حركة مغناطيسية عاطفية لأطول فترة ممكنة مع ضبط النفس وعدم بلوغ الذروة او الغاية الجنسية, لأن ذلك سيولد قوة كهربائية هائلة عند الطرفين ويعمل على إستبدال النشوة الجنسية والسوائل الجنسية الى قوة روحية يمكن إستخدامها لتحقيق (غايات أخرى) ويمكن أن تؤدي هذه الطاقة في حالات متقدمة الى إيقاظ الجسد النجمي, وهنا تحصل عملية ولادة عكسية غير مادية, سميت في العالم الباطني ولادة المسيح الداخلي.
الأطفال الصغار لا يدركون وجود النشوة الجنسية على الرغم من إنهم يشتهون الجنس الآخر, لأن بلوغ النشوة الجنسية يتطلب وقت وتحفيز مستمر للأعضاء الجنسية, والاطفال ليس لديهم إدراك حقيقي للوقت, بل إنهم يعيشون في اللحظة الحالية دون التفكير في المستقبل, لذلك يقول أوشو ان الاطفال الفضوليين اللذين يختبرون الجنس من خلال الاستمناء هم لا يدركون وجود غاية لما يفعلونه أو نشوة ولكنهم يفعلون ذلك لأنهم يحبون المداعبة, وهذا من مبادئ السحر الجنسي والتانترا, يجب أن لا تكون هنالك غاية جنسية.
بعد ان لمّحنا لماهية الكهربائية والمغناطيسية في الكون وأهميتها دعونا نتطرق إلى مواضيع أكثر عمقاً فيما يتعلق بهذا الموضوع, قد لا تعرفون إن نيكولا تسلا لم يكن أول شخص يكتشف التيار المتناوب والمحرك الكهربائي وحقيقة الكهرباء, لأنه أخذ علمه الأساسي من العلوم الخيميائية السرية وهو كان مهتماً في المعرفة الباطنية, كما إن الإستاذ باسكال راندولف اللذي أحدث ثورة في علم السحر الجنسي والذي كان أحد اعضاء منظمة الصليب الزهري كان صديقاً لكل من نيكولا تسلا والرئيس الأمريكي آنذاك أبراهام لينكولن, وعلى الرغم من إن نيكولا تسلا كان مثلي الجنس إلا انه كان متحمساً لمعرفة أسرار العالم الباطني وخاصة السحر الجنسي وقد تلقى تعاليم السحر الجنسي والهندسة المقدسة عن طريق أصدقائه الزهريين وكذلك المعلم الشرقي سوامي كاناندا وقد فهم تسلا طريقة عملها واستخدمها في تجاربه العلمية على الكهرباء فهو عرف سر الشكل القضيبي والعمود وما علاقتهما بالكهرباء وكذلك سر القبة والبيضة, وهذا ما سنتحدث عنه في السلسلة القادمة التي ستكون بعنوان الهندسة المقدسة.
من المؤسف إن الكثير من الباحثين الجدد قد وقعوا في فخ نظريات المؤامرة, وأصبحوا يتجاهلون تماماً النظريات العلمية وإن كانت مدعومة ببراهين وأدلة رياضية واضحة, الكثير منهم يعتقدون إن تسلا كان قادراً على توفير كهرباء مجانية لكل العالم, ولكن الحقيقة هي إن تسلا قال إن الكهرباء هي موجودة في كل مكان وهي حرة ولكن لم يقل إنه يمكن توليدها من العدم, ومسألة توليد الكهرباء من "العدم" هي بصراحة فكرة غير منطقية على الإطلاق, وجميع اختراعات تسلا وغيره كانت تعمل على مبدأ تحويل الطاقة من شكل الى آخر مثلاً طاقة حركية الى كهرباء او طاقة حرارية الى كهرباء وغير ذلك, وليس انتاج كهرباء من العدم, او من السكون.
السحر الجنسي عبر العصور - الجزء الثالث
** الزواج الكيميائي **
يقول الإستاذ الكبير إن الجمعيات الباطنية والسرية على مر العصور كانت تغطي جهلها برداء صوفي غامض من أجل خداع الناس والتلاعب بهم, أي إن الماسونية وغيرها من المنظمات التي تدعي السرية هي ليست سوى مظاهر خدّاعة وفي الحقيقة إنهم لا يملكون أي معرفة, اللذين يملكون المعرفة حقاً يظهرونها للعالم ولا يخفونها, واللذي ترونه يخفي المعرفة هو في الحقيقة لا يملكها لأن ببساطة فاقد الشيء لا يعطيه, العارفون الحقيقيون متواضعون وواضحون لا يرتدون شيء, ولا يغطون حقيقتهم برداء مزيف, كما يقول الإستاذ كروم هيلر إن منظمة الصليب والزهرة هي ليست جمعية ظاهرة إنما جماعة باطنية غير مرئية ويمكن أن يولد الإنسان زهرياً وله معرفة فطرية بأسرار المنظمة. وذلك مثل التصوف الإسلامي فهو ليس منظمة ولا دين ولكن يمكن لكل من يتبع تعاليم وإرشادات التصوف الإسلامي أن يدخل في حالة روحية جديدة ستجعله متصلاً ومتحداً بكل المتصوفين على مر العصور, ومنهم رسول الله محمد فهو المؤسس الأول لجمعية إخوان الصفا السرية, وتسمى الجمعيات الخفية ايضاً بالإتحاد الصوفي.
دعونا نعترف إن دمار المكتبات الباطنية وإخفاء المعرفة المقدسة كان إستحقاق البشرية بسبب تفضيلهم للأوهام وأختيارهم العيش في عالم سطحي مزيف, لكن من وجهة نظر الإنسان المثقف والوعي الحر فإن المعرفة الباطنية لم تُخفى أبداً وإنها متاحة للجميع ويمكن لأي شخص أن يصل إليها إذا قرر التحرر من الأوهام والعالم السطحي, لأن ببساطة المعرفة الباطنية موجودة أمامنا في كل شيء-حرفياً وهي غير قابلة للإخفاء أو الزوال لأنها إلهية.
جميع الخيميائيين والزهريين على مر العصور أشاروا بتركيز على مصطلح الزواج المقدس او الزواج الكيميائي, ومنهم جابر بن حيان ولكنه أيضاً قد أخذ معرفته من باطنيين غيره مثل جعفر الصادق والإستاذ الكبير خالد بن يزيد وهو ناقل ايضاً عن الفلاسفة والخيميائيين اليونانيين وهم نفسهم قد أخذوا معرفتهم الباطنية من العراق القديم والحضارة الفرعونية..
وبالتأكيد الكثير من هؤلاء قد أسائوا فهم الزواج المقدس, وما زال حتى الآن يُساء فهمه, حتى نيكولا تسلا وآليستر كراولي وباسكال بيفرلي والزهريين الجدد لم يتمكنوا من التعبير عن ماهيته, لذلك يجب أن تعلم إن الزواج المقدس قد لا يكون متعلقاً بالسحر الجنسي فقط, إنما متعلق بأشياء كثيرة حولنا وفي حياتنا, هو عملية تزويج التناقضات عن طريق الصنعة الإلهية او الخيمياء السحرية, فمثلاً الماء والنار لا يمكن تزويجهما على الإطلاق في صورتهما المادية, ولكن يمكن تزويجهما في العالم الباطني للإنسان, فجسم الإنسان يتكون من أربعة طبائع, منطقة الرأس نارية (كهربائية) لأنها مصدر الحركة والإنتاج في كل الجسم وهي مرتبطة بالشمس, ومنطقة الصدر هوائية لأنها مصدر التعاطف والمشاعر وهي وسيط بين عالم العقل (السماء) وعالم البطن (الأرض) وهي مرتبطة بالقمر, ومنطقة البطن هي مائية وترابية, الجانب المائي لها هو القوة الجاذبة أو الرغبة (الرغبة في الطعام, الرغبة الجنسية, الرغبة في الشراب ...) والرغبات بشكل عام مرتبطة بكوكب الزهرة, إما الجانب الترابي لها فهو القوة الدافعة (الخوف, الطمع, الغيرة,...) وهي مرتبطة بالمريخ.
وهذه الطبائع الترابية والمائية يمكن تزويجها من العقل والروح (النار) من خلال التعامل معها بوعي وحكمة, فيمكن للإنسان أن يستخدم طمعه وغيرته وخوفه ورغبته ويحولها الى قوة روحانية مفيدة في حياته بدلاً من إستخدامها في أذى نفسه او الآخرين, ولذلك يقول الإستاذ جاك بارسونز إن طبائع الإنسان الحيوانية ليست عبثية وإنما يمكن إستخدامها بشكل روحاني وإلهي, وهي سيف ذو حدين.
وكذلك الرغبة الجنسية (المائية) ستتبخر فور حضور الوعي الروحي, وإن السائل الجنسي يمكن أن يتبخر ويصعد عن طريق عملية خيميائية داخلية, يتحد فيها نار الوعي والحضور العاطفي والحضور الجنسي الكامل, وكذلك اللذة الجنسية يمكن أن تتحول إلى لذة روحية إذا كان التركيز موجّه إثناء الممارسة نحو الجانب الروحاني والعاطفي وليس الجانب المادي الشهواني.
هذا هو آخر جزء من سلسلة الخيمياء الجنسية وقد فتحنا بها للباحث مدخلاً لفهم العالم الباطني للطبيعة, ورسالتنا لكل من تلقى وفهم هذه الأساسيات, حان الآن دورك للبحث والنظر بعمق إلى الطبيعة والعالم من خلال العين التي مُنحت لك, عين النور التي تحول الأشياء الغامضة إلى أشياء ظاهرة, وتجرد الطبيعة من ثيابها وحجابها لتتمكن من الدخول فيها بسلام وستقدم لك غذاءاً لكل مكوناتك, ستغذي عقلك وروحك وجسمك وعواطفك وستُشفيك وتُغنيك وتُكفيك.
إرسال تعليق