مقال حساس ويحتوي على مصطلحات جنسية (16+)
حين يتلامسان الرجل والمرأة لأول مرة ستتفاعل أجسادهما بطريقة غير عادية خاصة إذا كانت بينهما مشاعر حب عميقة وصادقة, في هذه اللحظات تتدفق الطاقة في كل أنحاء الجسم وتنهر منابع الغدد الصماء بغزارة وبلا حدود, وتتكون بينهما شعلة هائلة (تفوق الوصف) من الكهرباء الأثيرية اللتي تجعلهما يعيشان حالة سامية من الحب والبهجة, ولكن حين يبلغان النشوة سيختفي الحماس فجأة وكل شيء يعود كما كان, غالباً في هذا النوع من ممارسة الحب تكون قوة العاطفة بين الطرفين مؤقتة ويمكن أن تختفي الرغبة أو الشغف بعد ليالي معدودة, مثل الزنا.
حسب التعاليم السرية عبر العصور فقد تم تقسيم ممارسة الحب الى ثلاثة أنواع, الممارسة الكاملة, الممارسة الإنسحابية والممارسة الإنثوية, الممارسة الإنثوية هي أسمى حالات الإتصال الجنسي, وهي الأساس في التانترا حيث يكون فيها التركيز عند الرجل على الطاقة الإنثوية الداخلية, ويجب ضبط النفس من قبل الذكور وعدم بلوغ الذروة الجنسية.
يقول الإستاذ الكبير H.S.L حين يحتفظ الشريكان بالطاقة الجنسية لأطول فترة ممكنة دون بلوغ الذروة فأنهما سيصبحان في "شهر عسل" أبدي وعلاقتهما ستكون مقدسة, وكلما زادت فترة الإحتفاظ بالطاقة سيبلغان مع الوقت مستوى غير عادي من اللذة لدرجة إنهما سيدخلان في حالة "النشوة الصوفية" وهذه هي الغاية من التانترا.
التانترا
التانترا هي ببساطة "طريقة الإرتقاء بالفعل" بحيث أن تتحول أفعال الإنسان المادية الى أفعال رمزية ذات غاية روحية تفوق الجسم المادي وبالتالي فهي قادرة على إخراج الإنسان من "السامسرا" أو دائرة الموت والحياة المادية وترفعه إلى مستوى النيرفانا, الرغبة الجنسية هي أقوى الرغبات الحيوانية, وحين يحول الإنسان هذه الرغبة من "مادية" الى "روحية" فإنهُ يعلن للكون كله بإنهُ قد تفوق على مرحلة الحيوانية, سمي السحر الجنسي عند بعض الجماعات الصوفية الغربية بـ فومينيوس كويتوس وتعني حرفياً الإلتقاء الأنثوي, الأنثى الطبيعية لا تهتم كثيراً ببلوغ الذروة الجنسية ولكن تهتم غالباً بالمداعبة والتعاطف, كالأطفال, أي إن الجنس المقدس الإنثوي هو إلتحام عاطفي وروحي وطاقي قبل أن يكون جسدي, كما إن أكثر المناطق تحسساً و رقّة في جسد الأنثى تقع خارج البوابة.
لا ترتبط التانترا بالسحر الجنسي بشكل مباشر, التانترا حرفياً تعني "فن الإرتقاء" ولها تقنيات عملية عديدة ومنها السحر الجنسي, التانترا والمانترا من أهم الفنون الروحية, تعني المانترا "فن العقل" وهي تتعلق بفن صناعة الطلاسم والتعويذات السحرية وفنون التحكم في الطاقة الأثيرية من خلال العقل بشكل عام, والشيء المشترك بين المانترا والتانترا هو القدرة الإبداعية اللتي يستمدها الإنسان من خلال الطاقة الجنسية الإنثوية الداخلية, المتمثلة في قوة الرغبة في الحياة أو الحدس الإلهي.
سميت الطاقة الإنثوية بـ"الكوندليني" ولكن في الجمعيات الباطنية تسمى الأم الإلهية, لأنها تدعو الإنسان إلى الدخول في الحياة وتجربتها بكل مظاهرها بغض النظر عن أي شيء, طبقاً للتعاليم السرية عبر العصور فإن البقرة هي مثال رمزي للأم الإلهية, حيث يتلقى الإنسان حليبها (الأوهام) منذ طفولته ليساعده على النمو, بينما لا يرى سوى جلدها الظاهر ببياضه وسواده (الخير والشر), وعلى هذا الأساس الباطني قال المسيح إعطوا حليبها للأطفال لأن لحمها طعام الأقوياء, والمقصود باللحم هو الحكمة الخفية وراء المظاهر.
كلوا من لحمي فهو خبز الحياة, وأشربوا من دمي لتغفر خطياكم. - المسيح
السحر الإحتفالي
حين نتحدث عن الحكمة الخفية فإننا لا نتحدث عن شيء من صنع بشري أو عقلي, إنما نتحدث عن نور الوجود الأزلي وهو متجسد من خلال الملائكة والقوى الأثيرية, حين ننظر إلى الأحجار الكريمة واللؤلؤ فإنها بالنسبة لأعيننا ورؤيتنا التقليدية مجرد حجر ولكن بالنسبة لبصيرتنا الروحية هي قوة إلهية في باطنها حكمة خفية ورسالة أو إستخدام سحري لا يمكن أن يكون صدفة أو من صنع بشري, كل شيء موجود حولنا فيه قوة سالبة وقوة موجبة, تتمثل القوة السالبة بشكل عام في "الفراغ" أو قوة الجذب التي ترغب في الإحتواء والقوة الموجبة تتمثل في قوة الدفع التي تميل إلى العطاء, كما نرى إن العضو الإنثوي في الحقيقة هو قضيب سلبي (فراغ مكاني) متجه نحو الداخل وهو يرغب في الإحتواء, وإن العضو الذكري هو قضيب موجب متجه نحو الخارج ويحب العطاء.
(إطلع على الجزء الثالث من مقالة الكيمياء الروحية لمعرفة القوى الميكانيكية الأربعة)
السحر الإحتفالي كما تمكنا من وصفه, هو إستخدام القوة الخفية في الأشياء, أو القوة السالبة الإنثوية, أو قوة الرغبة, أي إن الأدوات الرمزية المستخدمة في السحر الإحتفالي وجودها إثناء الطقوس لم يكن أبداً للإستخدام الظاهري, فمثلاً الماء او الوعاء والخبز والحبوب والصحون واللحم ونباتات وثمار وزهور معينة أو حيوانات وحشرات وفي بعض الأحيان الدم والحليب والبيض وأعضاء حيوانية..
كلها إنعكاس لوجود أثيري واعي مستقل
وله تأثير فعلي في الواقع الأثيري.
كل شيء حولنا له روح أثيرية مجنحة ترغب في التجلي بأفضل صورة.
دعونا نعترف بإن السحر الإحتفالي تتم ممارسته في كل بيت تقريباً وفي كل كنيسة ومسجد أو معبد, يمارسونه الناس دون إدراك, يمكننا أن نطرح أمثلة كثيرة على ذلك مثل الأعياد والمناسبات الدينية في الدين الإسلامي والمسيحي وجميع المناسبات اللتي خلالها يتم إستخدام أدوات رمزية معينة وترديد كلمات معينة وتجسيد عواطف معينة أو حتى تناول مشروبات ومأكولات معينة..
في طقوس الحج الإسلامي وبعض الطوائف البوذية, يتم الطواف بشكل دائري حول بيت رمزي يتمثل في بيت الله, في الحقيقة هكذا طقوس ليست عبثية على الإطلاق وإنما قادرة على تحويل الإنسان داخلياً بشكل كامل, في طقوس الحج البوذي والإسلامي يتم أخذ سبعة أحجار رمزية تجسّد الخطايا والمبوقات السبع, ومن خلال قوة الدفع المصحوبة بالتواجد الروحاني والعاطفي يتم رمي الأحجار ومعها يرمي الإنسان جميع خطاياه على مستوى الجسد الأثيري, حين تجتمع العواطف مع الحضور الروحاني والإستخدام الصحيح للتعويذات والأدوات الرمزية (السحرية) سيتكون في هذه الحالة طقس خيميائي متكامل قادر على إحداث تغيير جذري في الداخل.
يمارس المسيحيون في كل العالم طقس "مياه المعمودية" واللذي مبدأه التطهير وجوهرياً هو مشابه لمبدأ الحج الإسلامي والبوذي, في الحقيقة إن طقس مياه المعمودية تعود أصوله الى النصرانيين, وأعني بالنصرانيين هم السكان الأصليين لمدينة الناصرية في جنوب العراق واللتي هي قلب الحضارة السومرية, ويعرفوا الآن أصحاب الديانة النصرانية بـ"المندائيين" وهم أخوتنا, نبيهم هو يوحنا المعمدان (نبي الله يحيى ع), وما زالوا حتى هذه اللحظة يمارسوا طقس مياه المعمودية أو كما يسمونه طقس التعميد حيث يرتدون فيه الرداء الأبيض النقي, ويغمرون أنفسهم في نهر حي يجري وهو يدل على التطهير بينما يقرأ عليهم الكاهن أو الشيخ المانترا أو التعويذة.
إفهم ذلك, بياض المادة الظاهرة تمنحها خصائص أثيرية طاهرة, أي إن العباءة البيضاء توحي الى العناية الملائكية بينما العباءة على الكتف بشكل عام توحي الى العناية الإلهية, والسوداء الى العناية البشرية أو عناية شخص معين ومن يرتدي عباءة الكتف تميل إليه الأرواح وتشعر معه بالأمان, أما الحلقة او القبعة أو العمامة فهي ترمز الى الإنتماء وإذا كانت بيضاء فوق الرأس فإنها ترمز الى الإنتماء السماوي (أي الرسالة والنبوة) وإذا كانت ذهبية فأنها ترمز الى الإنتماء الإلهي المطلق (مثل حلقة الملائكة والمسيح والتاج الملكي), وإذا كانت سوداء فإنها ترمز الى الإنتماء الأرضي العرقي أو القبائلي أو الطائفي, أما الخبز والعجائن وكل ما هو مصنوع من الحبوب فهو يرمز الى المعرفة الظاهرة وبإضافة الحليب والسكّر يصبح معرفة مزيفة, واللحم يرمز الى المعرفة الباطنية والدم يرمز إلى الحياة الداخلية, والعنب يرمز الى الشهوة, بينما النبيذ هو دم العنب وهو يرمز الى حياة الشهوة والجشع, بينما الزبيب اللذي هو عنب ميت له خصائص سحرية تأملية تقضي على الأوهام والشهوات وتحسّن اليقظة, فافهم ذلك.
المذبح الزهري
قد يكون مصطلح "المذبح" ليس شائعاً في الثقافة العربية, على الرغم من إن العرب هم من الشعوب التي ما زالت تمارس طقوسها الروحانية على الطريقة القديمة وخاصة في الشام والعراق والمغرب والجزائر, المذبح بشكل عام هو حالة مكانية تتسم بالطهارة والجمالية والحضور الروحاني وهو أشبه ببقعة مقدسة حيث لا يُسمح لأي شخص بلمسها, وغالباً ما يحتوي المذبح على أوراق السدر او الزهور أو أحجار كريمة وشموع أو حناء أو بخور أي منتجات نباتية عطرية أخرى, وفي بعض الأحيان يحتوي على حبوب وحلويات أو لبن.
والمذبح ببساطة هو مجال طاقي من خلاله يفتح الإنسان بوابة نفسية او طاقية للإتصال بعوالم تفوق العقل أو من خلاله يفتح الإنسان إتصالاً مع العالم الأثيري والملائكي, والأدوات الرمزية التي تُشكل المذبح هي اللتي ستُحدد ماهية البوابة اللتي ستقوم بفتحها, ولكننا سنتحدث عن البوابة الزهرية لإنها جزء أساسي من موضوع السحر الجنسي.
من أهم متطلبات المذبح الزهري هو البخور والزيوت العطرية, لأنها تعمل على تكثيف القوة المغناطيسية بين الشريكين, وتحديداً تلك اللتي أستخرجت من الزهور أو الأوراق النباتية أو عطور الفواكه, أما البخور والعطور المكونة من الصموغ النباتية (مثل اللبان والمسطكى والراتنج) فلا يجب إستخدامها في الطقوس الجنسية على الإطلاق.
إستخدام الزيوت العطرية لا يقتصر على إستخدامها المغناطيسي كـ"عطر" إنما أيضاً كـ محفز جنسي من خلال الدهن أو المساج, ولجميع الزيوت النباتية خصائص سحرية لإحاطة الجسم بهالة نورانية ذات لون معين, فـ مثلاً زيت الزيتون حين يمسح به جسد الرجل فإنه سيحيطه بـ هالة ذهبية وتمنحه قوة جنسية, وزيت الورد أو زيت الهيل للأناث يعمل بنفس الطريقة.
وحين يتعلق الأمر بالتوافق الطاقي فليس هنالك أفضل من إرتداء الأحجار الكريمة والمعادن, فإرتداء الأنثى الذهب يمنحها الشعور بالراحة والأمان وكذلك حجر الفيروز يحفز لديها قوة الإنوثة وإما الذكر فلا يمكننا أن نذكر سوى الأحجار ذات اللون الأحمر النحاسي لأنها تحفز المشاعر الذكورية تجاه الأنثى.
ومن الأدوات الرمزية اللتي تحيط بالمذبح هو وعائين من النحاس يحتويان على المشروب السحري اللذي يتم تحضيره كيميائياً قبل 40 يوماً من العمل الجنسي وسنذكره في وقت لاحق, وأي مصدر للنار يمكن أن يكون شموع أو فوانيس, وبطاقة LOVERS من التارو أو ما يشبهها من الصور الرمزية.
السحر الجنسي - العملي
يجب أن تعرف قبل أي شيء إن التضحية هي أساس المرور في العوالم الباطنية, ومن يريد أن يشق طريقه إلى العالم السري عليه أن يُقدم نفسه كـ ضحية للمشيئة الإلهية والوجود السامي, وأن يستسلم لرغباته الطبيعية كالأطفال ولكن بطريقة واعية, من أجل أن لا يكون ضحية للرغبات المادية المزيفة, ومن يدخل بدون الحب والحماس الطفولي سوف يتم طرده, لأن هذا الطقس قائم على توافق عاطفي وفكري وطاقي.
تم إخفاء هذا السر عن جميع الناس, جميع أثرياء وعظماء العالم عبر التاريخ إستخدموا السحر الجنسي لجذب الثراء وتحقيق الغايات المادية, ولا يخفى عنكم إن الطاقة الجنسية الهائلة يمكن أن تحقق أي شيء, حرفياً, من خلال توجيهها بوعي وتركيز كامل نحو العقل أو الجسد النجمي بدلاً من الجسد المادي, وفي الحقيقة إن اليقظة والتركيز على الرغبة الإنثوية المقدسة إثناء السحر الجنسي طبيعياً ستمنع حصول القذف لدى الذكور, ولكن لا يجب منع ذلك إذا كان الشريكان متوافقان لتحمل الطفل, ويعيشان في بيئة غنية ومتكاملة, إما سوى ذلك سيؤدي الى عواقب..
من المؤسف إن أغلب الرجال ينظرون إلى المرأة كـ جسد, بينما يغضون البصر عن أفكارها وآرائها وعواطفها وعمقها الروحي, من الطبيعي إن المرأة تنجذب الى الرجل اللذي ترى فيه ما هو ضروري بالنسبة لها, لكن ما فائدة أموالك إذا كانت لا تشعر معك الأنثى بالأمان؟, وما فائدة منزلك إذا كانت لا تشعر بالراحة وأنت بجانبها؟, وما فائدة مظهرك وشهواتك إذا كانت مجرد أقنعة مادية خالية منك؟
نحن نكرر ونؤكد على أهمية التفاهم العميق بين الشريكين, لأن الحضور العاطفي والروحاني هو سر تكوّن السائل النجمي والقوة الكهربائية الهائلة (اللتي تفوق الوصف).
يتبع..
كنتم في الجزء الثاني من سلسلة تعاليم السحر الجنسي عبر العصور
(بعض المعلومات المذكورة في هذا المقال نُقلت من الكتب والمخطوطات الصوفية والباطنية من مختلف العصور, وهي لا تمثل رأي الناقل أو المترجم)
مع تحيات الأخ والصديق سام علي
المدرسة العربية
إرسال تعليق